BVC-Elvis

طباعة

اللَّعِب

اللَّعِب

يُقال أحياناً أن اللَّعِب هو عمل الطفل أو أسلوبه لفهم العالم. ومن المؤكد أن هذا صحيح. إلا أن اللَّعِب أكثر من ذلك بكثير. فهو جوهر الطفل وحياته. ففي اللَّعِب تنمو لغة الطفل وفهمه لكيفية تعلق الأشياء ببعضها وفهمه للقواعد ولأشخاص آخرين. واللَّعِب يعين الطفل على إيجاد سياق ويتعامل مع الأشياء التي يتعلمها. وعندما يلعب الطفل مع الآخرين فإن اللَّعِب غالباً ما يكون تجربة مشتركة مكثفة. وعندما يكون الطفل منهمكاً لهذا الحد فإن التعلم يبلغ مستواه الأمثل.

إن الأطفال بحاجة للَّعِب. كثيراً ولمرات متكررة ولمدة طويلة. لوحده أو مع واحد أو مع أطفال كثيرين آخرين. أمام الشاشة وفي الغابة وفي غرفة المعيشة. بإمكان ولي الأمر مساعدة الطفل من خلال مشاركته واللعب معه وأيضاً من خلال السماح للطفل باللعب مع الأطفال الآخرين. إن منح الطفل فرص المشاركة في الأنواع المختلفة من اللَّعِب، بهدوء وبحركة وبالكثير من التحديات المختلفة، أمر مهم للوالِدَيْن.

اللغة واللَّعِب

كل من اللغة والخيال لهما دور عظيم في لَعِب الطفل. وتماشياً مع أن الطفل يمكنه صياغة جمل أكثر تعقيداً لغوياً فإنه يبدأ غالباً في الوقت بالَّلِعب ألعاباً تخيلية أكثر تخطيطاً. الألعاب المبنية على الأدوار تتطلب قدرة الطفل على الحديث لكونها تحتوي على مناقشات متعلقة بمن سيشارك وما هي الأدوار التي سيتقمصونها وأين تدور أحداث اللعبة وكيف ستجري اللعبة. كلما كبر الأطفال وكانت لغتهم أكثر تعقيداً ازداد الوقت الذي يخصصونه للتهيؤ للُّعْبة نفسها. ومن المهم الاتفاق على موعد اللَّعِب. ومن أجل حسم أن اللُّعْبة قائمة فإن الأطفال يتحدثون غالباً على نحو خاص، بصيغة الماضي؛ فجملة: ”كنتُ وقتها محارباً نارياً غامضاً“ تبعث رسالة مفادها أن الطفل أخذ الخطوة لدخول ما خططه وأن الباب مفتوح أمام تكملة مشوقة.

إن الألعاب التخيلية وألعاب الركض والألعاب اليدوية قد تأخذ حيزاً كبيراً في حياة الطفل اليومية. ولكن الشيء الجديد والأكثر إثارةً لكثير من الأطفال البالغين ٣ و٤ أعوام هو الألعاب المبنية على الأدوار. عندما يبدأ الطفل في فهم القواعد فإنه من الممكن أن يعد لعبة ويدعو الآخرين إليها. إنه أمر أكثر فعاليةً من مجرد تقليد أحد الأشخاص أو الوقوف موقف المتفرج، كما يفعل الأطفال صغرا السن غالباً. وبمقدور الأطفال الآن الاتفاق (نوعاً ما يعني) بخصوص الأدوار التي سيلعبونها ومكان اللعبة وما الذي سيجري؛ ”كنتِ وقتها عجوزاً كبيرةً تمتلك سيارة إسعاف.“

إن التنكرُ أسلوبٌ لتعزيز الإحساس بالشخصية التي يتقمصها الطفل ومن أجل توضيح الأدوار. وبناء مسرح اللعبة قد يستغرق وقتاً طويلاً ويكون بنفس الأهمية والمتعة مثل اللعبة بحد ذاتها. وبإمكان الأطفال الذين لم يبلغوا السن الملائمة للمشاركة في الألعاب المبنية على الأدوار أن يشاركوا في الأغلب في الاستعدادات. وبإمكان الغالبية المشاركة عند بناء الجدران في صندوق الرمل أو الكوخ أو ترتيب ركن العرائس. وكي يرتاح الأطفال ويَنْمُوْن فإنهم بحاجة للالتقاء بغيرهم من الأطفال من ذوي المستوى المقارب لمستواهم في اللعب. وللجنس والسن دور أقل من قدرة الآخرين على اللعب.

الألعاب البيضاء والسوداء

يتمحور لعب الأطفال غالباً حول الأشياء التي يرغبون في إتقانها أو كانت تخيفهم. الكثير من الأطفال يشاركون في ألعاب يلعبون فيها دور الشرير أو الطيب ويفكرون في الصفات التي يتحلون بها والتي يتحلى بها الآخرون.

ويجرب الأطفال أثناء اللعب الاتصاف بالشجاعة وعدم الجبن وأن يكونوا معاً وليسوا وحيدين وأن تكون الأم موجودة أيضًا ولكن الأطفال مع ذلك قد يضيعون ويهربون ويختفون. وتتعلق الألعاب بالأبعاد الأساسية لكون الطفل إنساناً بين أُنَاس آخرين. المصاعب التي تصيب الحيوانات أو الأمراء والأميرات يكون التعبير عنها وفهمها أسهل مِمَّا إذا أصابت أحد الأطفال. وبإمكان الطفل أثناء اللعب الاقتراب من الشيء المخيف من خلال تعديل الظروف قليلاً. أن تسحر العصا السحرية الأشرار أمر قد يكون استيعابه أسهل من أن الأشرار قد يكونوا موجودين في العالم الحقيقي.

ولا بد للأطفال من استكشاف جوانبهم المٌضْنِية من خلال الألعاب كي يتعرفوا عليها. وهذا هو موضع تعلم الأطفال لما هو شر وخير وما هو صواب وخطأ. وإن انطلقنا من أن أطفالنا يرغبون الخير فليس هناك ما يدعو لتخوفنا من ألعابهم العنيفة والشريرة.

الأصدقاء الوهميون

يُوْهَب بعض الأطفال بأصدقاء وهميين. وهم يُوْلَدُون في مخيلة الطفل، ويظهرون في الأغلب عندما يشعر الطفل بالوحدة فيعد وضعه كي يكون معه صديق يلعب معه. والطفل يعرف على مستوىً معين أن الصديق الوهمي هو وهمي حقاً، ولكنه في بعض الحالات يصبح حقيقاً على قيد الحياة. يبقى بعض الأصدقاء الوهميين لعدة أعوام فتتعرف عليهم الأسرة كاملةً. وقد يختفون عندما يُقْدِم الطفل على فعل شيء مع والديه، ولكن أحياناً لا بد من أن يُعطوا مكاناً على المائدة وفي السرير. وبطبيعة الحال يجب احترامهم ولا مانع من أن نقترح على الطفل أن يلعب معهم إن كان علينا أن نُعِد العشاء. ولكن أولياء الأمور قد يرون أحياناً أن الصديق الوهمي يشغل حيزاً كبيراً جداً. فبإمكانك وقتها أن تقترح أن يذهب الصديق الوهمي إلى مكان آخر لفترة ما. ويلوم بعض الأطفال، تماماً كما يفعل ألفونس أوباري «Alfons Åberg»، الصديق الوهمي عندما يرتكبون حماقةً ما. ومن المفيد أن نتمالك أعصابنا وقتها وأَلّا نواجه الطفل بأنه كاذب. ويمكن لأولياء الأمور بدلاً من ذلك أن يعتبروا الصديق الوهمي تعبيراً لخيال الطفل وإبداعه والانخراط في اللعبة وتوبيخ الصديق الوهمي على ما ارتبك من حماقات.

الخيال واللَّعِب والواقع

لسنا مضطرين للتخوف من أن الطفل لا يميز بين اللَّعِب والحقيقة. ونشعر أحياناً بأن بعض الأطفال لديهم القدر الكبير من لدرجة أنهم يعتقدون أن أي شيء ممكن أن يحدث. وقد يسألون مراراً وتكراراً عن شيء شاهدوه على التلفزيون. أو أن يكونوا غارقين في بحر لعبة ستار تريك التي يلعبونها لدرجة أن ولي الأمر يتساءل في نهاية المطاف إن كان الطفل يعتقد أنه يحمل اسم بطلة تلك اللعبة. ولكن الأطفال يدركون الفارق. فهم يدركون أن جهاز الراديو الذي يجعلنا نسمع أصواتاً في المطبخ موجود فعلاً، وأن الأطفال لا يمكن أن يتحولوا إلى كبار بفعل السحر إلا على سبيل المزاح. وقد تتحول المِخدَّات إلى حجارة وزهور تتحدث، ولكن فقط عند اللَّعِب. فالتمييز بين الشخصيات الخيالية والشخصيات الموجودة فعلاً أمرٌ أكثر صعوبة. وللُّعْبة لغة واضحة ولها مشهد خاص تجري فيه الأحداث ولها أدوارها وظروفها. ولكن مع ذلك فقد يحدث أن يفكر الطفل في الشخصيات الخيالية في الحقيقة. اعتقاد الأطفال بوجود بابا نويل سببه أننا معشر البالغين نقول أنه موجود. ولكن الأطفال قد يكونون أكثر تردداً بخصوص الشخصيات الخيالية الأخرى. لربما كانت الحورية موجودة فعلاً، وكذلك الوحش؟ الأطفال بحاجة للتجربة واللَّعِب والتحدث مع الوالِدَيْن عن الشخصيات كي تتضح لهم حقيقة الأمر. الديناصورات كانت موجودة في الماضي، حقيقةً. ولكنها لا يمكنها أن تعود الآن.