BVC-Elvis

طباعة

أن يُرْزَق الطفل بأخ/أخت

أن يُرْزَق الطفل بأخ/أخت

أن يُرْزَق الطفل بإخوة أمر يبعث على البهجة البالغة ولكنه أيضاً انتقال لكل من الأخ الأكبر وللوالدين. وفي العادة فإن مساعدة الأطفال على إنشاء علاقة أخوية طيبة هو أهم الأولويات.

الفترة الأولى مع الإخوة

إن الفترة الأولى مع الإخوة تكون في الأغلب فوضويةً نوعاً ما والكثير من المشاعر تنطلق في جَنَبَات الأسرة. وعلى الجميع أن يعثروا على أدوارهم الجديدة في نفس الوقت.

ولهذا فإن الأشهر الأولى تنطوي على قدر كبير من الربح إن جرى التركيز على أن تثبت قدما كلّ فرد من أفراد الأسرة. حتى إن كان الشخص في الأحوال العادية يتوخى الدقة في التربية والروتينات فقد يكون منح البساطة الأولوية حالياً أمراً مفيداً. وقد يكون الحد المعقول من الطموح هو قضاء وقت أطول من المعتاد أمام التلفزيون وتناول الأطعمة شبه الجاهزة على العشاء على أريكة الصالون أمام التلفزيون وأن يتقبل مستوى التنظيف قدراً كبيراً نوعاً ما من الحصى في بهو المدخل. ليس هناك داع لأن يقلق الشخص من أن العادات الجيدة التي أنشأ طفله الأكبر عليها ستذهب أدراج الرياح إلى الأبد لمجرد مرور الشخص بمثل هذه الفترة. كما أنه بمقدور حتى الأطفال الصغار فهم عبارة ”سنستثني اليوم ونتناول الطعام أمام التلفزيون مع أن المفروض ألا نفعل هذا“. وبعد بضعة أشهر أو نصف عام سيكون الجميع قد ثبتت أقدامهم في الوضع الأسري الجديد ومن ثَمّ أصبح ممكناً العودة إلى القواعد المعتادة.

كما أن تطبيق نفس هذه النظرة العملية على النوم أمرٌ ذو فوائد. رتب الوضع كي يرقد الجميع في أفضل مكان لنومهم. ولا يهم إن كان هذا الأمر يعني أن يرقد الجميع في نفس السرير أو أن ينام الأخ الأكبر في غرفته الخاصة أو أن ينام كل والد في غرفة مع أحد الطفلين. المهم أن يحظى الجميع بأحلى وأطول نوم ممكن.

إن كان الأخ الأكبر يداوم في روضة الأطفال فقد يكون من المفيد أحياناً إن بقي هناك، حتى في الأيام العشرة الأولى. ولكن انطلق مِمّا هو أكثر ملائمةً لأسرتكم. وقد يتذمر الأطفال قدراً إضافياً إن تُرِكوا خلال هذه الفترة وهو أمر من السهل تفسيره على أنهم يشعرون بالخروج من دائرة الاهتمام. إلا أن الأمر يتعلق بالأحرى بأن الطفل أدرك تردد الشخص البالغ ويجرب ما إن كان هناك مجال للبقاء في المنزل. إن الأطفال يعيشون في الوقت الحالي ولا يمكنهم تكوين أي تصور عن أنه من المؤكد أن ”بقية الناس بالتأكيد في منازلهم وهم ينعمون بوقت لطيف مع بعض باستثنائي أنا“. نحن الوالدان من يشعر بالخوف من أن ينتابهم هذا الشعور. ومَقْدِم الأخ الأصغر يعني في الواقع أن الأخ الأكبر في حقيقة الأمر سينعم بقدر أكبر من الوقت مع الوالِدَيْن إن كان أحدهما المسجل على إجازة الأمومة/الأبوة سيحضره من الروضة في وقت أبكر بل ويدعه أحياناً يبقى في المنزل.

التغييرات الأخرى الطارئة في نفس الوقت

كان الناس في الماضي يقولون إنه يجب تجنب التغيرات الأخرى في نفس الوقت الذي يُرزق فيه الطفل بأخ صغير لأن هذا معناه وقوع أمور تفوق طاقة الطفل في آن واحد. وفي الواقع فإن الأصل وليس الاستثناء أن يواجه الطفل الكثير من التغيرات عندما يُرزق بأخ. ففجأةً يجب الانتقال بسبب كثرة عدد أفراد الأسرة. ويجب على الأخ الأكبر تبديل روضة الأطفال بسبب الانتقال. أو يتنبه الوالدان إلى عدم إطاقتهما الإبقاء على الطفلين في السرير فينقلان الأخ الأكبر إلى غرفة خاصة به. وعادةً ما تسير الأمور على ما يرام حتى إن وقعت أشياء كثيرة في آن واحد في حياة الأخ الأكبر. إن كان أحد الوالِدَيْن يجهز الأخ الأكبر وموجود بجانبه فبإمكانه التغلب على معظم التغيرات. ولكن قد يكون من الملائم للوالد أن يعين الأخ الأكبر في نفس الوقت الذي ينشغل فيه مع الطفل الصغير. ولذلك فإنه من العقلانية الامتناع عن التوقف عن استخدام اللهايّة (المَصّاصَة) أو الحفاضات أو جعل الأخ الأكبر يبدأ النوم في سريره خلال الأشهر القليلة الأولى.

ما هو رد فعل الأخ الأكبر؟

قد تختلف ردود الأفعال تبعاً لاختلاف السن والميول فتتراوح من عدم الاكتراث التام إلى الهاجس المستحوذ على الطفل. وتنقلب حياة بعض الإخوة الأكبر الصغار رأساً على عقب ويحتاجون للكثير من القُرْب والدعم في حين أن البعض الآخر يواصل حياته وكأن شيئاً لم يكن. الأطفال ذوو ردود الأفعال قد تتباين ردود أفعالهم من العناد إلى فرط الحركية.

وقد يتعدى الأطفال الصغار على المولود بالقرص والدفع في حين أن الأطفال الأكبر سناً (من سن ٣ أعوام) يميلون إلى ”معاقبة“ الوالد من خلال التشاجر معه أو تجاهله. ويمكنك في بعض الأحيان تفسير مثل هذا السلوك بأن الطفل يشعر بالغيرة. وهذا قد يكون صحيحاً بطبيعة الحال. ولكن قد يكون سبب تغير الطفل متعلقاً بأن حياته قد تغيرت وأنه لا يرى في حقيقة الأمر أن هذه التغيرات كانت إلى الأفضل. لأن الطفل إن كان والداه له هو فقط وكان بإمكانهما تلبية رغباته فوراً فمن الطبيعي نوعاً ما أن يبدي الطفل احتجاجاً. وهذا لا يعني بالضرورة أن الطفل يشعر بأنه غير محبوب أو مُتَجَاهَل بل أنه يشعر بفقدان أمر كان بديهياً ومعتاداً عليه وأنه لا يمكنه تماماً التغلب على جميع المشاعر التي يُكِنُّها بداخله.

المزيد من التفرغ للأخ الأكبر

إن أصبح الأخ مشاكساً أو عنيداً أو يركض في كل مكان مثل الخلاط الكهربائي فأفضل ما يمكن فعله هو تحديد أوقات منتظمة للتفرغ له. إن كان الأخ الأكبر صغيراً فيمكن للوالد البقاء معه في المنزل في هدوء وسلام والاستمتاع بذلك الوقت معاً. وبالإمكان إخراج المولود من المنزل وقتها مع الوالد. والهدف من مثل هذه اللحظات هو احتواء الطفل وقضاء الوقت معه بدون شجار. احرص على الاستحمام معاً إن كان عندكم بانيو أو ابْنِ كوخاً في السرير تستلقيان فيه ملتصقين ببعض في ضوء المصباح اليدوي. تناولا الأيس كريم حتى إن كان هذا في منتصف الأسبوع أو شاهدا بمنتهى البساطة فيلم أطفال على التلفزيون معاً. دع الطفل ينعم باهتمامك الإيجابي واستمتعا بوقتكما معاً.

كلما ازداد عناد الطفل أو مشاكسته أو حزنه ازدادت حاجته إلى الاستلقاء في حضن أحد والديه لاستجماع الشعور بالأمان. ولكن قد يكون من الصعب الاقتراب إلى الأطفال الصغار صِعاب المِرَاس. وبالإمكان من خلال بناء كوخ ضيق أو الاقتراب تدريجياً على الأريكة محاولة الاقتراب دون أن يلاحظ شيئاً. وعندما ينجح ولي أمر الطفل في جعله يسترخي بجواره فإن قواهما مجتمعةً تضافرت لمواجهة مصاعب اليوم المقبل. وكذاك يكون قد منح الطفل ما يحتاجه بالضبط دون أن يدرك الطفل ذلك.

إن أصبح الطفل الأول أيضاً مولوداً

يحدث أحياناً أن ينتكس الإخوة الأكبر الصغار، أي يتراجعون في نموهم، عند مقدم الأخ. وهذا لا يعني أن الطفل يمر بأزمة بل يمكن فهم الأمر على أن الطفل يتدبر تجربته الجديدة من خلال اللَّعِب. فلعب دور المولود هو طريقة الطفل في فهم وإدراك ما معنى أن تكون صغيراً.

إن كان أحد الإخوة الكبار الذي تعود على الذهاب إلى الحمام قد بدأ في التبول على نفسه فقد يكون الأمر متعلقاً بأن الطفل يخصص الكثير من الطاقة للتأقلم على وضعه الجديد ولهذا فليس لديه من المجال الكافي ما يجعله يتنبه إلى ما إن كان بحاجة لدخول الحمام. لا توبخ ولا تفسر الأمر على أنه تعبير عن إشكاليةٍ ما بل خذ الأمر ببساطة إن حدث هذا الأمر. وعندما لا يكون الطفل قد أدرك تماماً ما الذي يعنيه الوضع الجديد فإن قدرته على التبول في المرحاض ستعود من تلقاء نفسها مرةً أخرى.

وإن رغب الأخ الأكبر فجأةً في أن يرقد في المهد أو أنه يجب أن يُحمل أو يرغب في الرضاعة مرةً أخرى فبالإمكان التعامل مع الأمر كما تميل لذلك نفسك في تلك اللحظة. الاتسام بالصرامة ومحاولة التخلص من سلوك محاكاة الطفل المولود عن طريق التربية عادةً ما يكون أمراً غير مُجْدٍ بالضبط مثل الاتسام بعدم التناقض أو التساهل في كل شيء. كُن متساهلاً على قدر طاقتك في تلك اللحظة. وقد يكون أحياناً عند الوالد الوقت والرغبة والقدرة على حمل مولودَيْن صغيرَيْن اثنَيْن والاعتناء بهما، وأحياناً لا. وهذا هو تماماً ما يحتاج الطفل الكبير لتعلمه. بإمكان الطفل أحياناً أن يستمتع بفوائد المولود الصغير وأحياناً لا بد أن يكون ”كبيراً“ بكل ما تعني الكلمة من فوائد. إنه جزء من عملية التغير التي ترافق كَوْنَ الطفل أخاً أكبر.

لا بد أن يكون كبيراً

أن نطلب من الأخ الأكبر أن يكون كبيراً أمرٌ يشعر بالامتعاض منه. ولكن أن نتوقع منه أن ينجز شيئاً بنفسه، مثلاً أن يلبس الجزمة بمفرده وأنت واقف في الصالة مضغوطاً نفسياً مع مولود يبكي، هو منحه الثقة وإظهار الاتكال عليه. وهذا يعادل أن تقول له أنك تضع في حسبانك أنه سينجز هذا لكونك ترى أنه شخص صغير ذكي وجيد. كما أنها وسيلة كي نُرِيَ الطفل أن أفراد الأسرة يجب أن يساعدوا بعضهم بعضاً. وإن لم يمد كل فرد من أفراد الأسرة يد العون وينجز ما عليه فإن نتيجتنا ستكون سيئة للغاية. وبسبب أن الطفل الصغير إلى الآن لا يمكن أن يكون موضع نَفْعٍ يُذكر فإن القدرة على أن يكون الطفل أخاً أكبرَ تنشئ رابطةً خاصةً بين الوالد والأخ الأكبر. ويصبح الوضع أشبه بشعور ”نحن المتفاهمون والمتعاونون“ وهو شعور قد يكون لطيفاً.

التعاون بخصوص المولود

من المفيد إدخال الطفل الكبير في عملية الاعتناء بالطفل. فإن كان موقفك أن المولود هو مولود الكل وأنه جزء من الأسرة وأن الاعتناء به مسئولية الجميع (كلٌّ حسب قدرته بالطبع) فإنك تكون قد أسديت لطفلك الكبير عوناً كبيراً في تكوين صورة عن كيف سيكون شكل الحياة الجديدة. إلا أنه من المفيد من أجل تشجيع العلاقة بين الإخوة أن يُغدق على الأخ الكثير من الثناء والتشجيع عندما يمد يد العون. فقبل أن يتمكن المولود الصغير من التعبير عن تقديره بنفسه يمكنك أن تتحدث نيابةً عنه قائلاً: ”إنه يشعر بقدر أكبر من الهدوء والفرح عندما تلعب معه مقارنةً بلعب غيرك معه“. أو ”انظر كم يفرح هو بمجيئك“. والمكافأة هي الشعور بالأهمية والمهارة وذلك التقدير الذي يعبر عنه الوالد. ولكن قبل هذا وذاك: حب الأخ الأصغر وعشقه!

بعض النصائح المتعلقة بالمساعدة التي يمكن للأخ الأكبر أن يقدمها تحت إشراف شخص بالغ:

الخشونة في التعامل مع الصغير

كُنْ واضحاً من البداية بوجوب توخي الحذر عند التعامل مع طفل حديث الولادة. فالإخوة الأكبر الصغار ليس لديهم أي فكرة عن مدى ضَعْف الطفل المولود بل لا بد من تعليمهم ذلك. ومن المفيد أن يعلم الطفل بالضبط ما الذي يُسمح له بفعله وما الذي لا يُسمح له به. ونحن نستعين بما لدينا من ردود أفعال قوية غير محسوبة. فنحن نتفاعل غريزياً إن كان يبدو أن الصغير قد يلحقه الضرر وقد ترتفع أصواتنا وتَحْتَدّ نبرتنا عندما نتدخل ونَفُضّ بين الإخوة. إن ردود الأفعال غير المحسوبة هذه تجعلنا واضحين وعمليين. وهي تعيننا على الإشارة باستخدام اليد كاملةً لإظهار ما هو الأهم عندما يتعلق الأمر بالطفل حديث الولادة: إنهم ضِعَاف ويجب التعامل معهم بحذر! ولا تتسبب ردود الأفعال هذه في إيجاد الشعور بالغيرة بل هي عون جيد كي يصبح الطفل أفضل أخ كبير في العالم.

الغيرة

الأطفال الغَيُوْرُون بحاجة لقدر إضافي من التوجيه بخصوص التعرف على المولود وإظهار المحبة له. وتشجيع الطفل على ذلك ليس استهانةً بمشاعره. إذ بالإمكان تأكيد غيرة الأخ الأكبر في نفس الوقت الذي يُطلب منه أن يكون محباً للمولود. فالمشاعر التي نريد بناءها بين الطفلين هي الولاء والائْتِلاف. ولهذا فإن هذين الشعورين هما ما يجب أن نشجع الأخ الأكبر عليهما بوضوح. ونسعى لمنح الغيرة أقل قدر ممكن من التربة الصالحة من خلال إظهار نفس القَدْر من الحب للطفلين ومحاولة فهم مشاعرهما وتأكيد هذه المشاعر وتعزيز العلاقة بينهما.

أول لقاء بين الأخوين

أول لقاء بين الأخوين لحظة عظيمة! ولا تنس مراقبة رد فعل المولود! إذ قد يتعرف على صوت الأخ الأكبر منذ أن كان في بطن أمه. ومن الجيد في اللقاء الأول أن تُظْهِر للأخ الأكبر فوراً أن العالم قد تغير. ويجب أن تكون الرسالة التي ترسلها إلى الأخ الأكبر واضحة وضوح الشمس: إن هذا شخص علينا جميعا أن نحبه. ونحن الوالِدَان نحبه من الآن وها قد حان دورك كي تدخل في هذه المحبة الجماعية.