BVC-Elvis

طباعة

الشعور بالألم في المعدة أو اضطراب النوم — كيف يمكن للأطفال أن يعبروا عن القلق والتوتر

صحة الأطفال الجسدية والنفسية مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً وقد يتجسد التعبير عن القلق أو الإجهاد في شعور الطفل بالألم أو من خلال تأثر تقدمه أو نموه البدني. الجسد والروح أكثر التحاماً عند الأطفال مقارنة بنا معشر الكبار. وعندما يشعر الطفل بالقلق من شيءٍ ما، وقد يكون ذلك شجار الوالِدَيْن أو أن المدرس المفضل قد أنهى عمله بالمدرسة، فإن هذا قد يتجلى من خلال اتصاف الطفل بالشغب و«العَفْرَتَة» أو من خلال اضطراب نومه أو عدم رغبته في الأكل أو اشتكائه من ألم في المعدة.

إن شعور الطفل بألم في المعدة أو الرأس أو اضطراب النوم أو فقدان الشهية قد يكون سببه في حقيقة الأمر أن الطفل مصاب بعدوى أو بمرض جسدي. وينبغي لهذا فحص الأعراض الجسدية على يد طبيب. ولكن قد ينعدم أحياناً التفسير المادي بل يكون الطفل ”متألم نفسياً“. وبالإمكان وصف هذا الألم بأن الخوف والحزن والقلق قد تَمَوْضَعَت في الجسم. وهذا ليس غريباً إطلاقاً في حقيقة الأمر. فعندما نشعر بالضغط النفسي أو الخوف فإن الكثير من الأشياء تحدث في الجسم والتي تجعلنا مثلاً نشعر أننا مستعدون للطيران أو لمساعدة نظام المناعة للتغلب على إصابةٍ ما. هذا أمر عملي بالنسبة لبقائنا على قيد الحياة في كثير من المواقف، ولكن إن تكرر الأمر لمدة من الزمن فقد يكون له عواقب أخرى مثل الألم. وقد يكون الأمر أيضاً أن الكبار يسألون الطفل ما إذا كان يشعر بالألم في موضعٍ ما عندما يبدو على الطفل أنه ليس نشيطاً ومبتهجاً تماماً، وهو أمر قد يشجع الميل إلى الإشارة إلى الجسم. وتمكن الباحثون في كثير من الأبحاث من الربط في حالة أطفال المدارس بين الضغط النفسي وتزايد تحدث الأطفال عن الصداع أو ألم المعدة المتكرر. كما أنه بإمكان الضغط النفسي والقلق أن يتموضعا في الجسم عند الأطفال البالغين ٣ و٤ أعوام وغالباً ما يتحدث الطفل وقتها عن الشعور بألم في المعدة. ويقول الأطفال الأصغر سناً أنهم يشعرون إضافةً إلى المعدة — حول السرة في الأغلب — بالألم في الساقين والركبتين و الرَّبْلَتَيْن (بَطَّتَي الساق).

تعبير الأطفال الصغار عن الخوف أو القلق من خلال الأعراض الجسدية، مثلاً ألم المعدة، أمر يعتمد أيضاً على احتمال افتقار الأطفال للمفردات المعبرة عن شعورهم. ونحن بوصفنا بالغين قادرون على التوقف والتفكر في مشاعرنا على نحو مختلف عن الأطفال بسبب أن أدمغتنا أكثر تطوراً. إن تلقينا غرامة توقيف السيارة توقيفاً خاطئاً أو إن وَبَّخَنا مديرُنا فبإمكاننا أن نربط إحباطنا بتلك الأحداث، أو على الأقل بعد تأملنا فيها قليلاً في وقت لاحق. ولا يزال الأطفال يمرون بعملية التعلم المحيطة بفهم الذات والتمكن من استخدام المشاعر كرسول ينبئ عمَّا هو قادم. وقد يكون وصف الانزعاج المحسوس مثل ألم المعدة وسيلةً عمليةً يعبر بها ذلك الكائن الصغير عن شعور غامض بأن شيئاً ما ليس على ما يرام. فالطفل إن لم تكن بجعبته الكلمات أو الفهم لما يشعر فإنه يخترع غير متعمد أسلوباً للتعبير عن نفسه.

إلا أنه من المهم التنبيه إلى أن ألم الطفل حقيقي بغض النظر عمَّا إذا كانت أسبابه عضوية أو نفسية. ولا يعني ارتباط الألم في المعدة بالخوف من طفل أكبر في روضة الأطفال أن المعدة ليس بها ألم حقيقةً.

قد يقتضي فهم سبب الأعراض التي تنتاب الطفل شيئاً من التحريات. وبإمكان ولي أمره أن يفكر فيما إن كان هناك أمر معين قد جرى في حياة لطفل. رصد المواقف التي يشعر فيها الطفل عادةً بالألم قد يؤدي إلى طرف الخيط. وإن كان ولي الأمر يرى أنه يدرك ما الذي يجعل الطفل يشعر بالقلق أو الضغط النفسي فقد يعثر أحياناً على أساليب لترتيب الوضع المحيط بالطفل كي يشعر بقدر أكبر من الهدوء. وقد يحتاج الطفل لقدر إضافي من الدعم على يد أحد الموظفين خلال بعض الأنشطة في روضة الأطفال. أو السماح له بالنوم عند أحد الوالِدَيْن لفترة معينة إن كان هناك الكثير من الشجار أو الحزن في المنزل.

كذلك الأطفال الذين خاضوا غمار الأحداث الشاقة مثل الفرار أو الصدمات قد يصيبهم الألم جسدياً. وهذا ليس بالمستغرب في واقع الأمر لأننا جميعاً مزيج من الجسد والروح. إن منح الطفل الرعاية والاهتمام قد يكون أيضاً وسيلة طيبة لإعانة الطفل. وأن يُحمل ألم الطفل على محمل الجد وأن يتلقى العناية أمر لطيف لذلك الصغير المثير للشفقة. وإن كان ممكناً تخمين ما الذي قد يكون أتعب الطفل فيمكنك أيضاً محاولة إخباره بذلك. قل مثلاً: ”ربما كان شجاري أنا وأمك اليوم شاقاً عليك؟ لقد كنا غاضبين جداً من بعض منذ قررنا الانفصال. ولكننا نحبك وستشعر قريباً بأن الأمور كلها أبهج مرةً ثانيةً“. حتى إن كان الألم لا يعالجه دائماً الحنان والاهتمام فإنه يمنح الطفل شعوراً بأنه موضع فهم ورعاية. ولكون الروح والجسد مرتبطان فقد يتعافى ألم الجسد بما ترتاح منه الروح أيضاً.