BVC-Elvis

طباعة

العناد

العناد

إن العناد إحدى نتائج نمو الطفل. ومجيئه مؤكد خلال الفترات التي سيستغني عن شيء قديم ويغزو شيئاً جديداً. فيستيقظ الإحباط وقتها إزاء كل ما لا يزال الطفل لا يعرفه أو لا يحسنه أو لا يُسمح له به أو لا يتصف به أو لا يريده. ويتعلق العناد على الصعيد النفسي بما يدور داخل الطفل من صراعات. ويصبح مزاج الأطفال في سن العِناد متقلباً بسبب التغيرات العصبية والفكرية والجسدية. وعندما يقترب الطفل من سن ٤ أعوام فيجب أن يسير نموه نحو تحقيق قدر أكبر من المعاملة بالمثل في العلاقة واعتدال المزاج.

مهمة ولي أمر الطفل المعاند

إن العناد متعلق بالنمو. ولكن نمو مزعج نوعاً ما. وعندما يبلغ العناد أَوْجَهُ فقد يكون من المفيد أن نتذكر أنه ليس موجه نحونا معشر الأمهات والآباء. وكل هذا الشجار هو بالأحرى نتيجة لحاجة الطفل للتنفيس عن جميع المشاعر المضطرمة بداخله. ومهمة الوالِدَيْن هي مد يد العون والحماية والتفهم. وهذه المشاعر هي ما يحتاج الطفل الآن لمساعدتنا بخصوصها. فالطفل يُحْيِل مناحي القُصُوْر أو العجز التي يقاومها الطفل بداخله حالياً إلى الشخص البالغ. فيسهل عليه حينئذ أن يتحمل. ويتمكن الطفل من خلال توجيه غضبه تجاه شخص آخر من الشعور بأنه شخص جيد على أي حال. وأنت باعتبارك الوالد هو الشخص المخطئ! (كل شخص عَمِل تحت إمرة مدير يعلم مدى سهولة رد الفعل هذا عندما تسير الأمور على غير ما يرام). ولا بد بمنتهى البساطة من ترك شخص آخر يحمل عبء مناحي القُصُوْر لمدة من الوقت إلى أن يتمكن الطفل من تحمل ذلك العبء. هذه هي طريقتنا ننحن البشر. فنحن بحاجة لبضعنا ونستخدم بعضنا. لا سيما في علاقات الارتباط.

التعامل مع العناد

نصيحة أساسية إلى ولي أمر الطفل المعاند هي: التشبث — الصبر — الحب. خذ نفساً عميقاً وتلاءم قَدْرَ المستطاع. تَحَطّم وامض قدماً. اعرف سبب العناد وتطلع إلى ذلك اليوم الذي يخرج فيه طفلك من هذا الأمر كله. احشد وقتها قواك وحبك على أعتاب مرحلة العناد المقبلة. وستجد مع مرور الوقت استراتيجيات للتعامل مع الطفل وستدرك أن هذه الفترات ستتجاوزها.

وقد يبدو من الغريب أن نكيف أنفسنا وحياتنا وفقاً لمزاج طفل معاند. وقد لا نرغب في أن يشعر الطفل بأنه تغلب علينا بواسطة حالات انفجاره. وتنطلق طريقة التفكير هذه من أن الطفل يستخدم مزاجه ليحكم العالم. ولكن إن اعتبرنا بدلاً من ذلك أن العناد تعبير عن خيبة أمل داخلية فسيصبح التكيف أيسر علينا. وبالإمكان التفكير في السيطرة الحقيقية والسيطرة المتوهمة. إذ يجب أن يتحلى أولياء الأمور بالسيطرة الحقيقية في حياة الطفل. وسماح ولي الأمر للطفل بأن يشعر بأنه له سيطرة وتَكَيُّف ولي أمره مع ما يطيقه مزاجُ الطفل لن يُوْجِد طاغية. فهذا يسمح للطفل بالاحتفاظ بقَدْر من الكرامة في الأوقات التي يخفق فيها مائة مرة يومياً فيُصاب بخيبة الأمل. وبإمكاننا أيضاً صياغة الأمر على أنه بإمكان ولي أمر الطفل أن يوفر له باباً خلفياً للخروج من الخلافات بدلاً من أن تدخل أنت وطفل في الثالثة من عمره ليس له فعلياً أي سيطرة في نقاش عقيم. ويَعْلق الكثير من أولياء الأمور في فخ الاعتقاد بأنهم ليسوا أولياء أمور جيدين إن لم يتصفوا دائماً بعدم التناقض. وأن الأطفال لن يتعلموا شيئاً أو أنهم سيشعرون بعدم الأمان والحيرة. وفي الفترات الأكثر هدوءاً فمن الممتاز أن يتحلى الوالدان بسلوك غير متناقض التزاماً بالقواعد والروتينات المتبعة في الأسرة. وقد يتسبب ولي الأمر في مراحل العناد وبكل حسن نية في جعل الخلافات أكثر احتداماً والحياة اليومية أكثر شجاراً. فالأطفال المعاندون غير مَرِنِيْن إلى حد بعيد. فهم متصلبون بخصوص ترتيب القيام بالأشياء ومن الذي سيصب الحليب في الكأس وما هو زوج الجوارب الوحيد الذي يمكن لبسه. إن مقابلتهم بحسن الإصغاء والمرونة أمر يعين الطفل على النمو نحو التعامل مع المشاعر وكبحها على نحو أفضل.

نصائح عن التكييف:

نصائح بشأن التعامل مع العناد وحالات الانفجار

عندما يبلغ الطفل سن ٣,٥ أعوام فإن العناد عادةً ما يكون قد هدأ ويعتدل مزاجه. ومن المعروف أن نمو الطفل يختلف من طفل لآخر ويعتمد على شخصية الطفل والمقومات المحيطة به.

إن الأطفال أقوياء الإرادة المزاجيون يشكلون غالباً تحدياً أكبر في مرحلة العناد من الأطفال الأكثر هدوءاً الوُدَعَاء — ويتطلبون بالتالي قدراً أكبر من الملائمة وسلطة الوالِدَيْن. إن كانت الحياة مضطربةً أو إن كان ولي الأمر مضغوطاً كان من السهل الوقوع في دائرة مفرغة يلقى الطفلُ فيها في الأغلب «النَّق» والتوبيخ. وغالباً ما تكون تلك الاستراتيجية سيئة وتتسبب في تعزيز العناد بدلاً من أي شيء آخر.

كشفت الأبحاث عن أن أهم شيء يجب التركيز عليه إن عَلِق ولي الأمر في مثل هذه الدوامة السلبية هو منح الطفل الاهتمام الإيجابي — من خلال قضاء فترات لطيفة قصيرة معاً. وليس من الضروري أن تكون طويلة أو معقدة، بل يكفي أن تجري بانتظام ومتساهلة وتتسم بالحضور النفسي. وقد يجري هذا عند تَنْوِيْم الطفل أو تحميمه مساءً أو على الأريكة عند مشاهدته التلفزيون أو أثناء لعبه. وكل من الطفل وولي الأمر نفسه بحاجة للاغتراف من الحب والتذكر أنهما يحبان بعضاً فعلاً. فهذا يعين على التحمل إلى حين وقوع الانفجار القادم. والفكرة هي أن يحرص ولي الأمر يومياً على أن ينعم مع الطفل بمدة خالية من الشجار. ولا تكون موضعاً للتربية أو التحدث عن المشاكل بل مجرد الاستمتاع بقضاء ذلك الوقت معاً. ويُحبذ أن تتحدث مع الطفل عن أنكما على وشك أن تبدآ قضاء مثل هذه الأوقات وكُنْ واضحاً في أن الهدف هو فقط قضاء وقت لطيف معه.

إن شعر ولي الأمر بالضغط النفسي بخصوص جميع حالات الشجار فقد ينتهي المطاف به إلى محاولة إجبار الطفل على الطاعة أو الهدوء. وقد ينشأ فجأة الاعتقاد بأن التوبيخ أو العواقب البالغة الصرامة هي الأسلوب التربوي الوحيد الذي يمكن تحمله. وللأسف فإن مثل هذه الأساليب قد تكون قاسية جداً بالنسبة للأطفال الصغار. كما أن فكرة الخلوة «time-out»،وهي تعديل لنظام زاوية التشهير المعمول بها في الأمكنة القديمة، قاسية جداً في هذه السن الصغيرة. وترك الطفل يبقى في غرفته إلى أن يهدأ قد تبدو فكرة جيدة من الناحية النظرية. ولكنها تعني للطفل في الممارسة العملية أنه لا يتلقى مساعدة الشخص البالغ على التعامل مع مشاعره. إن شعر ولي الأمر بالإحباط بسبب جميع حالات الشجار فمن الأفضل أن يبتعد لفترة من الزمن.

إلى أي مدى يحق لولي الأمر أن يغضب عندئذ؟ من الطبيعي تماماً أن يخرج ولي الأمر عن طوره ويصرخ، حتى إن شعر بعدها أنه بالغ في رد فعله. الأطفال يعلمون أن أولياء الأمور بشر ولكون العناد يتعلق بتعلم الطفل كيفية التغلب على الغضب والإحباط فإنهم بحاجة للتدرب في شتى المواقف. فبعض الأطفال لا يتراجعون قبل أن يبلغ الغضب من ولي أمرهم مَبْلَغَه.

ولكن إن شعر ولي أمر الطفل أنه يبالغ أحياناً لدرجة أن الطفل يتأذى ويشعر بالخوف فلا بد من البحث عن استراتيجيات جديدة. قد يكون مفيداً أن تبدأ بالتحدث مع شريك حياتك أو ممرضة رعاية صحة الأطفال.