BVC-Elvis

طباعة

الدماغ والذاكرة ونمو التفكير لدى الأطفال البالغين ٣ و٤ أعوام

إن الشعور بأن تكون شخصاً مستقلاً يأخذ طَفْرة أخرى في هذا العمر، وهو أمر ملحوظ في أن الأطفال غالباً ما نشعر أنهم شخصيات واضحة المعالم. وقد يشعر الشخص بوصفه أحد الوالِدَيْن أنه يتعرف الآن على جوانب جديدة في طفله! وقد يتولد شعور بأن العلاقة، بالأخص مع الأطفال البالغين ٤ أعوام، يمكنها أن تكون متبادلة على نحو جديد جداً وأن المحاورات قد يكون لها بعد آخر! وتبدأ هنا أسئلة الطفل عن المواضيع غير المتوقعة في الظهور في بداية المساء أو في طابور المشتريات في البقالة.

الذاكرة

إن مفهومُ الطفلِ عن الوقتِ والذاكرةُ ينموان نمواً سريعاً في سن ٣ و٤ أعوام. إلا أن القدرة على الاحتفاظ بالأشياء في الذهن (ذاكرة العمل) تكاد مع ذلك تبلغ نصف قدرة الشخص البالغ. ولهذا فمن السهل أن يفقد الطفل تسلسل الأفكار عندما يقوم بشيء أو يتحدث عن شيء ويحتاج للمساعدة كي يحافظ على تسلسل الأفكار.

الطفل البالغ ٣ أعوام

تعود أقدم ذكريات الطفولة لدى الكثير من الكبار إلى سن ٣ أعوام. وقد يكون سبب هذا أن اللغة بلغت الآن من التطور ما يجعل الذكريات تُخَزَّن بلغة يمكن حتى للكبار فهمها. وقد يكون هذا الأمر مرتبطاً بأن إدراك الطفل لذاته قد زاد. ويدرك الآن معظم الأطفال أنك بوصفك أحد الوالِدَيْن لا تعلم ما الذي وقع في روضة الأطفال، إن لم تكن موجوداً وقتها هناك. وبمقدور الطفل أن ينظر من منظور الآخرين وأن يبدأ في مراقبة نفسه من الخارج والآخرين من الداخل. والأطفال يدركون أن هناك فرقاً بين المعرفة وعدم المعرفة. وأنهم إن شرحوا قواعد اللعبة فبإمكان من التحق بهم لاحقاً أن يتسلل إلى صفوفهم ويتقمص دوره. وتفكير الطفل الآن المتمثل في القصص الخاصة بتجاربه الشخصية أمر يجعل من السهل عليه استحضار ذكرياته عندما يصبح شخصاً بالغاً. ولكن قدرة التذكر ليست ثابتة. فالأطفال ذوو الأعوام الثلاثة يتذكرون أشياء جرت عندما كان عمرهم ١٨ شهراً والشباب يتذكرون أكثر من الكبار ما الذي حدث في حفل عيد ميلادهم الثالث. ذكرياتنا هي أشياء متحركة تتغير بمرور الوقت.

الطفل البالغ ٤ أعوام

يسهل على الأطفال البالغين أربعة أعوام أن يدركوا بأنفسهم مفهوم الوقت ووضع الأمور في سياقها. إلا أن الخلط بين الأحداث الحقيقية والأشياء الأقرب إلى الخيال لا يزال مع ذلك سهلاً. فالذكريات تتأثر أيضاً بكيفية التحدث ضمن إطار الأسرة. فعندما يتحدث أحد أفراد الأسرة عن أشياء مثل ”عندما كنتَ طفلاً رضيعاً كانتَ لطيفاً للغاية…“ فإن هذا يعزز ذاكرة الطفل واحترامه لذاته. وهذا يؤكد أن الطفل مهم وأن هويته ثابتة وتنمو في الوقت ذاته على حد سواء. وتقاسم الذكريات مع الأطفال أمر مشوق أيضاً لأنه يمنحنا لمحة عن عالمهم. وعندما يُخْبَر هوجو بردود أفعاله أول مرة التقى فيها بأخته الصغيرة ليسا لربما يتحدث وقتها عن تلك السيارة الصغيرة التي كانت في أبعد بقعة تحت سرير المستشفى. أن ما اعتبرناه نحن الكبار مهماً قد يكون شيئاً مختلفاً تماماً عمّا يتذكره الطفل. وكم هو شعور جميل أن يتقاسم البالغون ذكريات الطفولة مع الأطفال البالغين ٤ أعوام من أجل الاستماع إليهم وهم يتحدثون عن الفروق بين كيف كانوا عندما كانوا ”صغاراً“ والآن.

القواعد

الطفل البالغ ٣ أعوام

تبدأ القواعد الآن في اجتياح ذهن الطفل بحدود سن ٣ أعوام وتسهم في القصص والتفاهم. وما كان ولي الأمر يحاول جاهداً ترسيخه عند الطفل المعاند البالغ عامين نرى أن الطفل البالغ ٣ أعوام قد بلغ الآن السن الكافية لإدراكها. وهذه القواعد قد تكون قواعد الكبار، ”يجب أن تبقى جالساً إلى حين فراغ الجميع من تناول الطعام“ أو قواعد الأطفال أنفسهم ”يجب أن يسوق القبطان أولاً ثم السائق“. وحال هذه القواعد حال جميع القدرات الجديدة فقد تصبح ضيقة النطاق مهمة أكثر من اللازم في البداية. وحتى إن كانت قاعدةً ما احتلت موضعها في ذهن الطفل البالغ ٣ أعوام فقد تكون اختفت إن شعر الطفل بالتعب أو الجوع أو كان في وضع تنافسي. وقد تستغرق النقاشات في اللُّعْبَة وقتاً أطول من اللَّعِب نفسه. فعبارة ”أنت كنت فتاة شريرة أخذت…“ أو ”ممنوع على هذه السفينة“ كلتاهما تدريب في إيجاد مغزى وأسس مشتركة بالرغم من الحقيقة المزعجة والتي مفادها أن رؤوس البشر المختلفين تحمل أفكاراً مختلفة. وقد تنعكس هذه القواعد على الوالِدَيْن سلباً. فإن نام والد الطفل عند تَنْوِيْمه فإن الطفل سيذكره بأن الاتفاق كان على قراءة قصة كاملةً وليس نصفها فقط. كما أنه من الممكن تفسير هذه القواعد على أشياء يجب تصنيفها بدون نهاية استناداً إلى اللون أو الحجم أو الفئة.

الطفل البالغ ٤ أعوام

يتحلى الطفل البالغ أربعة أعوام في الغالب بقَدْر أكبر من الوعي عمَّا هو صواب وخطأ، ولكن لا يزال من الصعب عليه مراعاة وجهات نظر الأشخاص المختلفين أو إلى أن القواعد قد تختلف في حالة الشخص البالغ ٤ أعوام والشخص البالغ عامين. إلا أن جميع الأطفال مختلفون والالتزام ببعض القواعد أسهل عند معظم الأطفال في حين أن بعض القواعد الآخر أصعب على الباقين. كما يمكن مثلاً أن يرى بعض الأطفال البالغين ٤ أعوام أن قواعد اللعبة أكثر أهمية للآخرين من أن تكون مهمة لهم، خاصةً إن كان هناك احتمال خسارة الطفل! ومن النصائح التي يمكن توجيهها للطفل الذي تصعب عليه الخسارة هي تذكيره على أعتاب اللُّعْبَة بأننا حين نلعب فقد يفوز أي شخص فينا، وربما تفوز ماما اليوم؟ هل من المقبول أن نلعب بالرغم من عدم معرفتنا من سيربح؟

المقدرة على فهم كيفية تفكير الآخرين

تُوقظ تدريجياً في مرحلة الطفولة المقدرةُ على فهمِ أن الأشخاص الآخرين لهم عالمهم الداخلي الخاص بهم أو تفكيرهم الخاص بهم. بإمكان الأطفال دون سن العام الواحد إبداء التعاطف مع شخص حزين، وهذا جزء من هذه المقدرة. إلا أن المسافة بعيدة بين نقطة الإحساس بالتعاطف مع إنسان، وهو أمر نتعلمه في الصغر، ونقطة إدراك أن الآخرين يفكرون على نحو مختلف عن تفكيرنا.

الطفل البالغ ٣ أعوام

يتصرف الطفل البالغ ثلاثة أعوام انطلاقاً من موقف أنه نقطة المركز ولذا ينطلق الطفل من أن العالم شكله لا يختلف بالنسبة لبقية الآخرين مقارنةً بالطفل ذاته. كما قد يُبْدِي الأطفال البالغون ٣ أعوام في نفس الوقت الاعتناء بالآخرين ومثلاً إطعام دميةً جائعة حتى إن كان الطفل غير جائع.

الطفل البالغ ٤ أعوام

قد يبدأ الطفل البالغ أربعة أعوام في التقرب لكونه يدرك أكثر اختلاف وجهات نظرنا وأن الأشخاص الآخرين قد يخطئون في رأيهم عن الأشياء أو يفكرون على نحو مختلف. وإن كان ولي الأمر غارقاً في شيء فقد يكون الانتقال إلى وجهة نظر شخص آخر أصعب مِمَّا إذا كان الطفل مثلاً ينصت إلى قصة أو يفكر في ما الذي قد يكون جرى لصديقه الذي تعرض للدفع. ويحبذ الأطفال في سن ٤ أعوام التخطيط للعبة ثم تنفيذها. وهذا من شأنه أيضاً أن يؤدي إلى نشوب النزاعات أحياناً إن توصل الطفل بوضوح بعد التفكير إلى كيفية بناء سكة القطار والآخرين الذين معه لا يدركون هذا الأمر. كما يسهل على الطفل البالغ ٤ أعوام أن ينسى في معمعة اللعب ما الذي يحتاج لتوضيحه لبقية المشاركين في اللعب.

تَقَبُّلُ الطفل البالغ أربعة أعوام لما هو صحيح أو غير صحيح تَقَبُّلٌ عمليٌّ وموضوعيٌّ، لا سيما إن كان أخوه الأصغر منه سناً من يتحدث معه، فلن يُخدع الطفل البالغ أربعة أعوام وقتها بسهولة! ولكن الكثير من الأطفال لا يزالون يحبذون إخبارنا عن أشياء ليست صحيحة تماماً — حتى إن كان من الممكن استنتاج أن هذا الأمر كان سيكون مشوقاً لو كان حقيقياً، ولكنه لم يكن كذلك؛ صحيح؟